الصدفية: مرض جلدي مزمن يتطلب الوعي والعناية المستمرة
في إطار الجهود المباركة لتعزيز الوعي الصحي بين أبناء المملكة العربية السعودية، تحتفل منظمات الصحة العالمية سنوياً في التاسع والعشرين من أكتوبر باليوم العالمي للصدفية، ذلك المرض الجلدي المزمن الذي يستوجب فهماً عميقاً وعناية خاصة من المجتمع الطبي والمرضى على حد سواء.
طبيعة المرض وأسبابه
وصفت وزارة الصحة السعودية الصدفية بأنها مرض جلدي مزمن غير معدي، ينشأ نتيجة زيادة في نشاط الجهاز المناعي للجسم، مما يسبب تسارعاً في نمو خلايا الجلد التي تتجدد عادة كل ثلاثة إلى أربعة أسابيع. وفي حالة الصدفية، تتسرع هذه العملية لتستغرق ثلاثة إلى سبعة أيام فقط، مما ينتج عنه تراكم طبقات الجلد وظهور الأعراض المميزة للمرض.
يوضح الدكتور عدنان علي البحبوح، أخصائي أول الأمراض الجلدية، أن اسم الصدفية مشتق من كلمة الصدف، أي القشرة أو الصفائح، لأن المرض يتميز بظهور بقع حمراء مغطاة بقشور بيضاء أو فضية تشبه الصدف البحري. ويحدث هذا نتيجة تسارع دورة حياة خلايا الجلد بشكل غير طبيعي، مما يؤدي إلى تراكم الخلايا الميتة على السطح.
الأعراض والأنواع
تتمثل أعراض الصدفية في ظهور بقع جلدية حمراء أو وردية مغطاة بقشور سميكة، وتظهر عادة في المرفقين والركبتين وفروة الرأس وأسفل الظهر. قد يشعر المريض بحكة أو حرقة أو ألم في الجلد، وقد تظهر تشققات تنزف أحياناً. وفي بعض الحالات، تمتد الإصابة إلى الأظافر فتظهر فيها حفر صغيرة أو تتسمك وتتقوس أو تنفصل عن قاعدة الظفر.
ويشير الدكتور البحبوح إلى أن هناك عدة أنواع من الصدفية، أكثرها شيوعاً هي الصدفية اللويحية التي تشكل نحو 80% من الحالات، والصدفية النقطية التي تصيب الأطفال والمراهقين غالباً بعد عدوى بالحلق، والصدفية البثرية التي تتميز ببثور بيضاء مليئة بالقيح.
العوامل المحفزة والمضاعفات
تؤكد الدكتورة نانسي شحاتة، استشاري أمراض الجلدية بمجمع الملك عبدالله الطبي بجدة، أن الصدفية تمر بمراحل من النشاط والهدوء، وقد تخف الأعراض لفترات طويلة ثم تعود عند التعرض لمحفزات معينة مثل التوتر أو العدوى أو بعض الأدوية. كما يعد الطقس البارد والجاف من أكثر العوامل البيئية المسببة لتفاقم المرض، إذ يفقد الجلد رطوبته بسهولة.
ومن المضاعفات المهمة للصدفية، التهاب المفاصل الصدفي الذي يصيب ثلث المصابين بالصدفية الجلدية، وتظهر أعراضه على شكل تيبس صباحي في المفاصل يستمر أكثر من 30 دقيقة، وتورم وألم في الأصابع والمفاصل الصغيرة، وصعوبة في الحركة أو ألم أسفل الظهر.
العلاج والتطورات الحديثة
رغم عدم وجود علاج شافٍ تماماً للصدفية حتى اليوم، إلا أن الدكتور البحبوح يؤكد أنه يمكن السيطرة على المرض بفعالية بفضل التقدم الطبي. وتشمل خيارات العلاج العلاجات الموضعية، والعلاج الضوئي بأنواعه، والعلاجات البيولوجية الحديثة التي تستهدف المواد الالتهابية في الجهاز المناعي وتحدث تحسناً كبيراً.
وتعد العلاجات البيولوجية الأكثر فعالية للحالات المتوسطة إلى الشديدة، حيث تستهدف بدقة جزيئات محددة في جهاز المناعة، وهذه الأدوية قادرة على جعل الجلد صافياً تماماً في أكثر من 80-90% من المرضى عند الالتزام بالعلاج والمتابعة المنتظمة.
التوصيات والوقاية
ينصح الأطباء المرضى بضرورة الالتزام بتناول الأدوية بحسب إرشادات الطبيب، والحرص على ترطيب الجلد بانتظام خاصة عند الشعور بالحكة، والمحافظة على وزن صحي، فالسمنة تؤدي إلى تفاقم أعراض الصدفية. كما يُنصح بتقليم الأظافر بشكل دوري وتجنب الأظافر الصناعية، وتجنب شد الشعر لمنع تهيج فروة الرأس.
ويشدد الدكتور مازن الجابري، استشاري الأمراض الجلدية والتجميل والليزر، على أهمية تجنب التوتر والضغوط النفسية لأنها من أهم مسببات نوبات التهيج، والتعرض المعتدل لأشعة الشمس في أوقات آمنة، والاستحمام بالماء الفاتر لفترات قصيرة مع استخدام صابون لطيف خالٍ من العطور.
وفي ختام هذا التقرير، نؤكد على أهمية الوعي المجتمعي بهذا المرض وضرورة دعم المرضى نفسياً واجتماعياً، فالصدفية ليست مجرد مرض جلدي، بل حالة صحية شاملة تتطلب نهجاً متكاملاً في العلاج والرعاية، وهو ما تسعى إليه المملكة العربية السعودية في إطار رؤيتها الطموحة لتطوير القطاع الصحي وتحسين جودة الحياة لجميع المواطنين والمقيمين.