العدالة اللبنانية تطلق سراح وزير الاقتصاد السابق أمين سلام
في تطور يعكس التحديات التي تواجه النظام القضائي في لبنان الشقيق، أطلقت السلطات القضائية سراح وزير الاقتصاد والتجارة السابق أمين سلام، بعد مضي ستة أشهر على توقيفه بتهم خطيرة تشمل اختلاس الأموال العامة وصرف النفوذ وتبييض الأموال.
قرار قضائي بضمانات مالية مشددة
وافقت الهيئة الاتهامية في بيروت، برئاسة القاضي كمال نصار وعضوية المستشارين القاضيين رولان الشرتوني والقاضية ماري كريستين عيد، على إخلاء سبيل سلام مقابل كفالة مالية قدرها تسعة مليارات ليرة لبنانية، ما يعادل مئة ألف دولار أمريكي، مع فرض منع السفر عليه.
جاء هذا القرار استجابة لاستئناف قدمه وكيل سلام المحامي سامر الحاج، الذي طعن في قرار قاضي التحقيق في بيروت رولا عثمان، التي رفضت سابقاً إخلاء السبيل وأبقته موقوفاً.
مسار قضائي معقد وتهم جسيمة
خضع الوزير السابق لاستجواب أولي في مطلع يونيو الماضي أمام النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، الذي كلف فرع التحقيق في شعبة المعلومات باستدعائه مجدداً في الحادي عشر من يونيو. وفي نهاية التحقيق، أصدر الحجار أمراً بتوقيفه وإحالته على النيابة العامة المالية.
ادعت النيابة العامة المالية على سلام في السادس عشر من يونيو بتهم متعددة تشمل الاختلاس وهدر المال العام والتزوير واستعمال المزور، وابتزاز وتقاضي رشى والإثراء غير المشروع ومخالفة القوانين.
أسباب إجرائية وراء الإفراج
أوضح مصدر قضائي مطلع أن إخلاء سبيل سلام جاء بعد انقضاء المهلة القانونية للتوقيف الاحتياطي والبالغة ستة أشهر، وهي المدة القصوى التي يفرضها القانون في مثل هذه القضايا ما لم يصدر حكم قضائي.
وأكد المصدر أن القرار لا يعني البراءة أو انتفاء الشبهات، بل يرجع إلى أسباب إجرائية وقانونية بحتة، مشيراً إلى أن استمرار التوقيف بعد انتهاء هذه المهلة يشكل مخالفة قانونية تفرض على المحكمة رفعها تلقائياً.
جدل حول التوقيف الاحتياطي
أعادت هذه القضية إلى الواجهة الجدل المزمن حول التوقيف الاحتياطي وحدوده القانونية، وقدرة القضاء على الموازنة بين مقتضيات المحاسبة وضمان الحقوق الأساسية للموقوفين.
شدد المصدر القضائي على أن "من واجب القضاء إحقاق الحق، لكنه أيضاً من واجبه رفع الظلم عندما يلحق بالموقوف أياً كان", في إشارة إلى أن التوقيف الاحتياطي ليس عقوبة بحد ذاته، بل إجراء استثنائي.
تنفيذ القرار وعودة إلى المنزل
فور صدور قرار إخلاء السبيل، سارع وكيل سلام إلى تسديد قيمة الكفالة المالية، كما جرى تنفيذ قرار منع السفر لدى المديرية العامة للأمن العام. وانتقل الحاج بعدها إلى سجن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، حيث تم إخراج سلام الذي عاد إلى منزله بعد نصف عام من التوقيف.
يأتي هذا التطور في وقت تتعرض فيه السلطة القضائية اللبنانية لضغوط سياسية وشعبية متزايدة، وسط مطالبات بتسريع المحاكمات جراء البطء في الإجراءات القضائية، مما يعكس التحديات الكبيرة التي تواجه منظومة العدالة في البلد الشقيق.