الذهب يستقر والفضة تقترب من مستويات تاريخية وسط توقعات خفض الفوائد الأمريكية
في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية المتقلبة، تشهد أسواق المعادن النفيسة حراكاً ملحوظاً يعكس حكمة المستثمرين في البحث عن الملاذات الآمنة التقليدية التي طالما اعتمدت عليها الأمم في أوقات عدم اليقين.
استقرار الذهب وسط ترقب قرارات الفيدرالي الأمريكي
استقرت أسعار الذهب يوم الثلاثاء، حيث استوعب المستثمرون إلى حد كبير توقعات خفض أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بينما يترقبون إشارات قد تكشف عن دورة تخفيف أبطأ من المتوقع في اجتماع السياسة النقدية الذي يستمر يومين.
واستقر سعر الذهب الفوري عند 4,189.17 دولاراً للأوقية، بينما استقرت عقود الذهب الأمريكية الآجلة تسليم ديسمبر عند 4,218.50 دولاراً للأوقية، مما يعكس حالة من الترقب الحذر في الأسواق العالمية.
وأوضح كيلفن وونغ، كبير محللي السوق في وساطة أواندا، أن المستثمرين يعيدون ترتيب مراكزهم بشكل كبير قبل اجتماع السياسة النقدية، مشيراً إلى التوجيهات المتشددة التي أشار إليها باول في مؤتمره الصحفي مطلع الشهر الجاري.
الفضة تحلق نحو مستويات قياسية جديدة
في تطور لافت، ارتفعت الفضة بنسبة 0.2% لتصل إلى 58.24 دولاراً للأوقية، مقتربة من أعلى مستوى قياسي لها عند 59.32 دولاراً الذي سجلته يوم الجمعة الماضي. هذا الأداء المتميز يأتي نتيجة موجة مضاربة قوية تمحورت حول توقعات انخفاض إمدادات الفضة في السنوات المقبلة.
وقد تضاعفت قيمة الفضة هذا العام، متجاوزة أداء الذهب نفسه، حيث دفعت أسعار السبائك المرتفعة المتداولين إلى البحث عن ملاذ آمن بديل في المعدن الأبيض الذي طالما اعتبر رفيقاً للذهب في رحلة الحفاظ على الثروات.
العوامل المحركة للأسواق
تشير الأسواق الآن إلى احتمال بنسبة 89% لخفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع الاحتياطي الفيدرالي، وفقاً لأداة فيد واتش من بورصة شيكاغو التجارية. وتميل أسعار الفائدة المنخفضة إلى تفضيل الأصول غير المدرة للعائد مثل الذهب والفضة.
كما ارتفع البلاتين 0.4% إلى 1649.10 دولاراً، في حين أضاف البلاديوم 0.7% إلى 1475.38 دولاراً، مما يعكس الاهتمام المتزايد بالمعادن النفيسة كملاذات آمنة في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة.
تحذيرات من فقاعة محتملة
في تطور يستدعي الانتباه، يشير بنك التسويات الدولية إلى أن ارتفاع أسعار الذهب والأسهم بشكل متزامن يمثل ظاهرة لم تشاهد منذ نصف قرن على الأقل، مما يثير تساؤلات حول احتمالية تشكل فقاعة في كليهما.
وقال هيون سونغ شين، المستشار الاقتصادي في بنك التسويات الدولية: "لقد تغير سلوك الذهب بشكل كبير هذا العام مقارنة بنمطه المعتاد، والظاهرة المثيرة للاهتمام هذه المرة، هي أن الذهب أصبح أشبه بأصول مضاربة".
ومن المتوقع أن يكون ارتفاع الذهب بنسبة 60% هذا العام هو الأكبر منذ عام 1979، مما يثير جدلاً حول ما إذا كان دوره التقليدي كملاذ آمن قد تغير في عصر الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي.
نظرة مستقبلية
تعزز البيانات الاقتصادية الأخيرة التوقعات بخفض أسعار الفائدة، خاصة مع إظهار مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي تباطؤاً طفيفاً، وهو مقياس التضخم المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي.
وفي ظل هذه التطورات، تواصل المعادن النفيسة دورها التاريخي كحافظة للقيمة وملاذ آمن للمستثمرين، مؤكدة على أهمية التنويع في المحافظ الاستثمارية وضرورة الاعتماد على الأصول الحقيقية في أوقات عدم اليقين الاقتصادي.
